siedaty Admin
عدد المساهمات : 6940 نقاط : 20696 تاريخ التسجيل : 01/04/2010
| موضوع: قصة صعود وانهيار إمبراطورية مبارك الرئاسية الخميس مارس 31, 2011 4:18 pm | |
|
***إيرادات 20 جبلاً من الذهب في مصر لا تدخل ميزانية الدولة وتخصص لدعم الرئاسة - زكريا عزمي يتمتع بـ 13 اختصاصا تبدأ بسلطة التصرفات المالية المقررة للوزراء وتنتهي بتنظيم مآدب الرئيس - طوال خدمته ظهرت وشايات غامضة أطاحت برجال مؤسسة الرئاسة لينفرد بها.
***في السنوات الخمس الأخيرة تعامل جمال مبارك بعجرفة وصلت إلي إغلاق هاتفه في وجه الوزراء والتطاول علي قيادات مهمة في الجيش جمال مبارك وذكريا عزمي واللواء جمال عبد العزيز ... ضربوا جداراً من العزلة حول مبارك لم يفق منه إلا بعد أن وقّع على قرار التنحي
***عمر سليمان يعترف لمقرب منه أن جمال مبارك جعل منه نائبا في الهواء
***وصفة مبارك الصحية: "البني آدم عامل زي الطيارة طالما فيه صيانة دورية يبقي عمرها الافتراضي هايطول"
***تمتلك سوزان مبارك في منزلها ببغاوات ناطقة ينادونها طوال الوقت بـ «سوزي .. سوزي»
*** علاء مبارك هو الشخص القادر على إيقاظ والده في أوقات الطوارئ بسبب نومه العميق
*** الهاجس الأمني سيطر علي مبارك حتى أنه كان يجرب أسلحة حراسه الشخصيين ليتأكد أنها "معمرة" بالذخيرة
***بوستة الرئيس تأتي في حقيبة مصفحة ومغلقة بشفرة رقمية وتخضع للكشف عليها بجهاز المفرقعات ثم مسحها طبياً لتأمينها من أي ملوثات فيروسية
قصة صعود وانهيار إمبراطورية مبارك الرئاسية
في عيد الأضحى الأخير خرج اللواء أبو الوفا رشوان، سكرتير الرئيس مبارك، إلى المعاش بوشاية من المحيطين بمبارك ليخرج آخر من كانوا يهمسون في أذن مبارك بتقارير وأحداث واقعية عما يجري في مصر، ولينفرد كل من زكريا عزمي وجمال عبد العزيز وقبلهما جمال مبارك بمملكة رئاسة الجمهورية، وليشكلوا معا مثلث عزل الرئيس عما يدور في مصر، ويحلوا محل رجال آخرين عرفوا بصدقهم وخرجوا تباعا وعلي فترات منهم شفيق البنا وإسماعيل سرهنك وطلعت الطوبجي ومحسن صوفي وقبلهم أسامة الباز ومصطفى الفقي، واستهدف المثلث الجديد تدشين جمال مبارك ليكون رئيسا لمصر وريثا عن أبيه، لكن بعد مرور أقل من 90 يوما علي خروج أبو الوفا رشوان كاتم أسرار مبارك انهار النظام وصار في متحف التاريخ واختفى معه زكريا عزمي وجمال عبد العزيز وقضي على حلم جمال مبارك حتى في أن يعيش كإنسان عادي على أرض مصر.
1- مؤسسة رئاسة الجمهورية
في عهد مبارك أعيدت هيكلة رئاسة الجمهورية وتنظيمها مرتين فقط طوال 30 عاما من الحكم.. الهيكلة الأولي كانت في عام 1983 بعد أن أصدر الرئيس القرارين رقم 259 بتشكيل رئاسة الجمهورية، و260 لسنة 1983 بتحديد اختصاصات أمين عام رئاسة الجمهورية، والهيكلة الثانية في عام 1989 بإصداره القرار 73 المكون من 5 مواد نظمت العمل في رئاسة الجمهورية وظل ساريا حتى يوم التنحي.
تنقسم مؤسسة الرئاسة إلى 3 أقسام أساسية، الأول هو ديوان رئيس الجمهورية ومقره قصر عابدين ويرأسه الدكتور زكريا عزمي، ويتكون من 18 قطاعا ومكتبا وإدارة وديوانا فرعيا، تلك القطاعات هي: مكتب رئيس الديوان (مسئول عنه اللواء مصطفي العطار الذي يتولى في نفس الوقت مسئولية مكتب سوزان مبارك إضافة إلى الإشراف علي مكتبة مصر الجديدة)، والمستشار القانوني، والإدارة المركزية للتحرير والترجمة، والإدارة المركزية للتخطيط والتنظيم والتفتيش، والإدارة المركزية القانونية، ومكتب شئون اللاجئين السياسيين، وإدارة الإعلام، ومساعد رئيس الديوان للشئون المالية والأفراد، ومساعد رئيس الديوان للشئون الإدارية، ومساعد رئيس الديوان للشئون الهندسية، وديوان كبير الياوران (وكلمة ياوران تركية الأصل وتعني كبير المرافقين)، وديوان كبير الأمناء، وإدارة الخدمات الطبية، والإدارة المركزية للعلاقات العامة، والإدارة المركزية للأمن، والإدارة العامة للطيران، وتتولي ترتيب رحلات طيران العاملين في الرئاسة، والإدارة العامة للجوازات، والإدارة العامة للمعلومات والتوثيق. وقد خص قانون تنظيم رئاسة الجمهورية الحالي منصب رئيس الديوان باختصاصات تجعل من الدكتور زكريا عزمي قلب وعقل وروح وسر أسرار مؤسسة الرئاسة، حيث يمنح القانون رئيس الديوان ممارسة الاختصاصات المالية والإدارية المقررة لجميع الوزراء بالنسبة لجميع أجهزة رئاسة الجمهورية، بالإضافة الي 12 اختصاصا أخرى منها عرض واستصدار القرارات الجمهورية، اتخاذ الإجراءات والترتيبات الخاصة بتنقلات الرئيس داخل وخارج مصر، وكذلك زيارات رؤساء الدول وكبار ضيوف الجمهورية، والإشراف علي الاجتماعات والمؤتمرات والمآدب التي يحضرها الرئيس، أو تجهيز أماكن الإقامة الخاصة بالرئيس وكذا قصور الضيافة واستراحات الرئاسة، من مهام ومسئوليات رئيس الديوان أيضا عرض أوراق اعتماد السفراء الأجانب علي الرئيس، وقرارات الرئيس بمنح القلائد والأوسمة والأنواط، وقبول الأجنبية منها، ومراجعة الأحكام القضائية وعرضها علي الرئيس لاعتمادها، بالإضافة إلي تنسيق علاقة وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة برئاسة الجمهورية فيما يتعلق بديوان كبير الياوران، وأيضا تنظيم وبحث ودراسة الشكاوي والالتماسات المقدمة للرئيس ولرئاسة الجمهورية وعرض أو معالجة الالتماسات الفردية منها وتحليل ودراسة ما يمكن ان يكون له دلالة عامة وإعداد تقارير بشأنها، كما أن رئيس الديوان هو المسئول عن جميع ما يختص بسيارات رئاسة الجمهورية، واستقبال السفراء والمبعوثين الاجانب، والإتصال بالسلطات المصرية والأجنبية في كل ما يتعلق بممارسة اختصاصاته، بالإضافة الى أي مهام أخرى قد يكلفه بها الرئيس، كما أن هناك قرارا جمهوريا صدر خصيصا من الرئيس مبارك بعدم خضوع زكريا عزمي رئيس الديوان لقوانين المعاش وهو ما عُرف فيما بعد بـ «قانون زكريا عزمي» ... ويتولي اللواء مصطفي العطار، مدير مكتب زكريا عزمي في قصر عابدين، ترتيب كافة الإستجوابات التي يتقدم بها عزمي لمجلس الشعب وتوفير المعلومات اللازمة لها من كافة الجوانب حيث يعمل العطار مع الدكتور زكريا عزمي منذ أكثر من 35 عاما.
- أما القسم الثاني من مؤسسة الرئاسة فهو مكتب رئيس الجمهورية ويقع بشارع الاستاد البحري بمصر الجديدة في مواجهة إدارة الشرطة العسكرية، ويعتبر هذا المكتب هو عصب أعمال الرئيس فهو مكون من عدة قطاعات منها قطاع الإتصالات والذي أنشأه الرئيس السادات عام 1975 نظرا لكثرة تنقلاته داخل مصر سواء إلى ميت أبو الكوم أو إستراحاته المتعددة، خاصة مع عدم وجود وسائل اتصالات متطورة مثل ما هي عليه الآن، وأول مشروع اتصالات يتم لهذه الإدارة هو الإتصالات عبر المايكرويف، وفي عام 1990 تم استبداله بمشروع إتصالات فايبر أوبتيكس، وتتولي هذه الإدارة تأمين وتشفير كل اتصالات الرئيس مبارك وكبار الشخصيات المهمة في الدولة، كما يتولى قسم الصحافة الذي يلخص كل أنباء الصحافة العالمية واخذ الاخبار المهمة منها ليلا وتوضع في شكل كارت يضم عنوان الخبر وإسم الجريدة وإسم الصحفي، وفي تمام السادسة صباحا يكون هذا الكارت في ظرف مغلق في منزل الرئيس ليقرأه، وإذا لفت نظره خبر ما يطلب الصحيفة التي نشر بها ليقرأها، ويضم القسم الثاني أيضا إدارة الرقابة والمتابعة، والتي تتابع أداء عمل باقي القطاعات داخل مكتب رئيس الجمهورية، وأيضا تصل لمكتب رئيس الجمهورية أنواع معينة من البوستة.
- أما القسم الثالث وهو أخطرها فهو سكرتارية رئيس الجمهورية وتقع داخل قيادة الحرس الجمهوري بشارع منشية الطيران بروكسي الملاصقة لقيادة القوات الجوية ومنزل الرئيس السابق ويرأسها اللواء جمال عبد العزيز الذراع اليمني للرئيس بعد زكريا عزمي. وتقسم سكرتارية الرئيس الي 3 قطاعات فقط هي: أمن رئيس الجمهورية ويقوم علي 3 إدارات هي إدارة أمن المقر أي منزل الرئيس ويرأسه اللواء عادل عثمان أو أمن رئاسة الجمهورية ويرأسه اللواء أحمد فايز، ودائرة حراسات الشرطة وتتبع وزارة الداخلية، وإدارة الحراسة الخاصة ويرأسها العميد هاني لاشين، وهو الذي يركب في المقعد الامامي لسيارة الرئيس مبارك والذي يشاهد دائما خلف الرئيس في كل زياراته ورحلاته أي أنه بمثابة ظله، وحتى قبيل مغادرة الرئيس مبارك قصر الإتحادية إلي شرم الشيخ بعد تنحيه عن الحكم ظل هاني لاشين مرافقا له ومقيما معه داخل قصر الاتحادية، والإدارة الثالثة هي إدارة الشئون الإدارية والتي تتولى مسئولية حقائب الرئيس وتوفير جميع متطلبات أمنه من غذاء وسكن وغيرها من الشئون الأسرية والعائلية والإجتماعية.
2 - حراسة الرئيس مبارك
لم يهتم رؤساء مصر بأمنهم الشخصي مثلما فعل مبارك ... فقد تحكم فيه هاجس أمنه الشخصي إلي درجة جعلته يشرف بنفسه علي حراسه الشخصيين وتلقيهم الأوامر منه مباشرة، ولم يقترب منهم حتى زكريا عزمي أو جمال عبدالعزيز، وظل طوال الوقت يتابعهم ويشرف عليهم بنفسه حتى أنه، وفي مرات كثيرة، كان يطلب منهم سلاحهم الشخصي وليجربه بنفسه ليتأكد من أنه "تمام"، وحراسة مبارك التي يرأسها اللواء هاني لاشين عبارة عن أرقام تبدأ من رقم 1 وحتي 24 وتتولى حراسة وتأمين 6 شخصيات «مبارك وقرينته ونجليه علاء وجمال وزوجتيهما» ومن وقت لآخر يتم تغيير عشرة من الحراس، حينما يقول مبارك لهاني لاشين "عايزين نغير الوشوش يا هاني"، ويعرف عن مبارك أن عينه تكون دائما علي حراسه خلال أي مؤتمرات له ويتابع مدى التزامهم بقواعد تأمينه، وبعد حادث أديس ابابا منعت سكرتارية الرئيس وضع أي لمبات إضاءة في مقدمة الصف الذي يجلس به الرئيس خلال أي مؤتمر أو احتفال حتي يتمكن مبارك من متابعة أي شخص يتحرك أمامه، حيث كانت الإضاءة الشديدة على سيارته في اديس ابابا سببا في عدم رؤيته السيارة القادمة في المواجهة اثناء محاولة اغتياله، لذلك طلب وقتها من سائقه أن يرجع للخلف لأنه لم يتمكن من رؤية من كان في سيارة المهاجمين.
وكان مبارك منذ عام 1975 وحتي 1995 غير معني بأمنه الشخصي علي النحو الحالي لكن بعد حادث اديس أبابا ثم حادث بورسعيد تبدل الأمر، حتي أنه وقف ذات مرة خلف زجاج مكتبه بقصر الإتحادية وشاهد عمارة شاهقة البناء ثم نادى أبو الوفا رشوان سكرتيره وسأله "بتاعة مين العمارة دي؟ .. دا ممكن يضربني بمدفع (آر بي جي) وهو في سريره وأنا في المكتب"، وخلال ساعتين كان امام مبارك بيان بكل سكان العمارة وجميعهم من ضباط الجيش، فقرر الرئيس إغلاق الأدوار التي تعلو الطابق السادس، وفي الأوقات التي يدخن فيها السيجار بحديقة منزله، من السابعة للثامنة مساء كل يوم، ينظر إلي أسطح ونوافذ المنازل المحيطة بالمنزل الذي يقع بشارع الدكتور حليم أبوسيف ليري إذا كان هناك من يتمكن من مشاهدته.
ويعمل حرس الرئيس وفق عدة منظومات .. الأولى حين يتحرك الرئيس بسيارته، فهناك 4 سيارات حراسة خاصة، واحدة امامية والثانية خلفية واخري علي اليمين والرابعة في اليسار، وفي داخل كل سيارة ضابط حراسة و اثنان من المساعدين مجهزين برشاشات، فضلا عن سيارة تشويش امامية تتقدم الموكب واخري في نهاية الموكب وخلف سيارة حرس الرئيس الخلفية تسير 6 سيارات في داخل كل منها ضابط و2 مساعدين معهم 6 رشاشات، أما حين يتحرك الرئيس علي قدميه يكون هاني لاشين خلفه وحارس عن يمينه واخر في اليسار إضافة إلي حارس متأخر خلف هاني لاشين، بخلاف بقية الحراسة غير المنظورة، وطبقا لقواعد حراسة الرئيس، التي تم تثبيتها بعد نجاته من محاولة الإغتيال في أديس أبابا فإن 30% من الموجودين في أي مؤتمر او اجتماع جماهيري له هم من الحرس الجمهوري في الزي المدني، وقد تم تغيير جميع حراس الرئيس الشخصيين دفعة واحدة مرتين فقط ... الأولى بعد محاولة الإغتيال تلك، والثانية بعد محاولة الاغتيال في بورسعيد، فبعد حادث أديس ابابا تم تكريم حرسه الشخصي بقيادة محسن عبد العليم الذي احتفظ به مبارك واصبح سكرتيرا لنجله جمال، ومحسن عبد العليم هو أول من بادر بإطلاق الرصاص علي الذين حاولوا اغتيال الرئيس بشكل احترافي دون ان يهتز، كما أنه من المعروف عنه أنه حاد الذكاء وسريع الحركة ولديه صبر رهيب علي من يحاول أن يستفزه، وكان مبارك يعتبره حتى وقت تنحيه، إبنه الثالث ... لذلك وضعه مع جمال مبارك الذي اشتهر عنه أنه حاد الطباع وعصبي وألفاظه حادة مع الجميع بمن فيهم القيادات الكبيرة في القوات المسلحة، وزادت تلك الحدة في السنوات الخمس الأخيرة فقد وصل به الأمر الى إغلاق الهاتف في وجه عدد كبير من الوزراء في عدة حكومات (عاطف عبيد واحمد نظيف)، لذلك لم يتحمل جمال سوى محسن عبد العليم خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من حكم مبارك، أما حامد شعراوي قائد حرس الرئيس بعد محاولة اغتياله في بورسعيد فقد ذهب الى الرقابة الادارية وجاء محله هاني لاشين الذي ظل معه حتي اللحظات الأخيرة من الحكم، وكان أول من انهار بالبكاء ومعه محسن عبد العليم، لحظة توقيع الرئيس قرار التنحي مساء يوم الخميس الماضي.
ويحدد مبارك بنفسه اسماء الحراس المرافقين له في كل مأمورية، فهناك ورديات للحراس علي مدار 24 ساعة، ويصدر بعدها اللواء جمال عبد العزيز إخطارا بالمأمورية يتضمن أسماء الحرس ونوعية ملابسهم رسمية أو "كاجوال" ... ثم يتولى هاني لاشين تجهيزهم ويقودهم للتحرك مع الرئيس، ومن أجل حرس مبارك الشخصيين تم إنشاء عمارات الحرس الجمهوري في شارع الطيران بمدينة نصر لينتقلوا جميعا اليها من أي مناطق يسكنون بها في القاهرة ليكونوا علي مقربة من عملهم، كما أنه يحظر علي حرس الرئيس طلب أي طلبات شخصية لهم من أي مسئول بالدولة أيا كان منصبه إلا من خلال اللواء جمال عبد العزيز، وان تكون هذه الخدمة له أو لأحد اقاربه من الدرجة الاولى فقط، كما أن مرتباتهم ضخمة جدا وعلاجهم يتم في أرقي مستشفيات مصر أو في الخارج، ويخضع حرس الرئيس مبارك لتدريبات لياقة بدنية يوميا وتدريبات إطلاق نار يوميا من الخامسة صباحا حتي السابعة صباحا داخل ميدان الرماية المخصص لهم بالحرس الجمهوري بالاضافة الي صالة جيمنازيوم لا نظير لها في العالم، ويتولى الرئيس مبارك بنفسه الإشراف علي إرسال حراساته الخاصة الي الولايات المتحدة وألمانيا بصفة دورية للتدريب علي أحدث دورات تأمين الرؤساء، وهي دورات مستمرة علي مدار العام، وحينما يطلب الرئيس من هاني لاشين، قائد حرسه، "تغيير الوشوش" فيتم اختيار عشرة أفراد من كتيبة في الحرس الجمهوري هي "كتيبة مكافحة الارهاب"، ومن يخرج من حرس الرئيس لا يرجع مرة أخرى الي رئاسة الجمهورية، ولكنه يُنقل الى واحد من 3 اماكن .... إما الرقابة الإدارية مثل حسن محمود أو المخابرات العامة مثل صبحي الهرميل أو الى وزارة السياحة وتكون للمغضوب عليهم من الحرس مثل حلمي حجازي مساعد مدير أمن المقر، وذلك بعدما ثار علي اللواء جمال عبد العزيز لعدم إدراج اسم نجله في الكشف الخاص الذي يخرج من سكرتارية الرئيس الي وزير الداخلية بأسماء أبناء سكرتارية الرئيس المتقدمين لكلية الشرطة لقبولهم مباشرة في حالة نجاحهم في الكشف الطبي فقط، ونقل جمال عبد العزيز ما حدث لمبارك فكان قراره: "حجازي يمشي".
ويتولى أمن مقر الرئيس والذي يقع في 11 شارع الدكتور حليم ابو سيف.. 100 فرد أمن من ضباط وصف ضباط وجنود جميعهم من الحرس الجمهوري تابعين لسكرتارية مبارك برئاسة اللواء جمال عبد العزيز إداريا، لكن واقعيا هم لا يتلقون الامر إلا من الرئيس مبارك شخصيا، وتأمين مقر الرئيس أو منزله يتم وفق 3 دوائر: الأولى أمن المقر التابع للرئيس مباشرة والثانية دائرة الحرس الجمهوري التي تحيط بالشوارع حول منزل الرئيس، الثالثة دائرة الداخلية والتي تؤمن شارع الميرغني والشوارع الرئيسية حول منزل مبارك.
3 - منزل مبارك من الداخل
تتولي الشئون الإدارية بسكرتارية رئيس الجمهورية برئاسة اللواء جمال عبد العزيز كل متطلبات وأعمال منزل الرئيس مبارك من أطعمة وملابس واحتياجات شخصية لمبارك واسرته، ومنزل مبارك مكون من 3 أدوار بالإضافة الي البدروم الذي يوجد به المطبخ ويتولى أموره أحمد مصطفى طباخ الرئيس مبارك منذ أن كان قائدا للقوات الجوية ويساعده طهاة آخرون يتم تغييرهم باستمرار بناء علي طلب من أحمد مصطفي، وفي كل دور من أدوار المنزل يوجد اوفيس.
ويستيقظ الرئيس في السادسة صباحا ويفتح شباك الدور الثاني مناديا: "يا أمن" ... فيتم ادخال حقيبتي البوستة له، الأولى تأتي من قصر عابدين علي موتوسيكل البوستة أو سيارة بحسب الحاجة، وهي شنطة مصفحة ومغلقة بشفرة رقيمة يعرفها الرئيس، وتسلم لأمن المقر الخارجي الذي يقوم بالكشف عليها بجهاز المفرقعات ثم مسحها طبيا لتأمينها من أي ملوثات مرضية فيروسية ثم تنقل الى امن المقر الداخلي ليكشف عليها مرة اخري بنفس الطريقة وتظل معهم لحين ينادي الرئيس مبارك "يا أمن"، أما الحقيبة الثانية فهي من نفس النوعية وتأتي من المخابرات العامة وتكون الحقيبتان مع أمن المقر الداخلي في تمام الخامسة والنصف صباحا، وفي السادسة يكون الطباخ "النوباتجي" قد اعد الإفطار والذي يضم فولاً وطعمية وجبنة فقط وعصير البرتقال، بالاضافة الي مشروب الحبهان الدافيء، وفي الساعة الواحدة ظهرا يتناول الفاكهة، ثم في السادسة مساء يتناول طبق سلطة كبيراً، وفي السنوات العشر الأولى من حكمه كان هناك ضابط متخصص يقوم بأخذ عينات من طعام الرئيس مبارك ليتناولها قبل الرئيس خوفا من تسميمه، وفيما بعد تنازل مبارك عن هذا الإجراء لثقته في طباخه الشخصي، وقد سأل أحد مساعدي مبارك عن طعامه القليل وأن ذلك ليس في صالحه رد مبارك "البني آدم عامل زي الطيارة طالما فيه صيانة دورية يبقي عمرها الإفتراضي ها يطول"، كما كان مبارك يهوى تربية الكلاب وكان في حديقة منزله كلبان وولف حربي أحدهما يدعي برنس، إلا أنهما ماتا عام 2005 تباعا بعد ايام من وفاة الصول الذي كان يقوم علي رعايتهما وبعدها لم يرب الرئيس أي كلاب، اما سوزان مبارك فلديها 3 ببغاوات من النوع الناطق وينادونها باسم "سوزي ... سوزي" ، ولا زالوا موجودين حتى الآن، بالاضافة الى احتفاظ الرئيس بجميع شرائط الفنانة وردة والتي كان يهوى سماعها.
وبعد الإفطار يرفع الرئيس سماعة التليفون ليرد عليه مسئول السويتش "افندم" ... وتليفونات الرئيس مبارك مقسمة الي 2 سويتش الاول في قصر العروبة أو ما يعرف بقصر الجواهرجي، وهو القصر العتيق الذي يقع خلف محطة البنزين الشهيرة بشارع الميرغني، ويعمل هذا السويتش طوال 24 ساعة، أما السويتش الثاني فيقع في سكرتارية الرئيس بمكتب جمال عبدالعزيز ويعمل من الخامسة صباحا وحتى الثانية عشرة مساء ويقوم عليه ضابطان هما مصطفي شاهين ومدحت صدقي ... وهما اول من يتصل بهما الرئيس مبارك بعد استيقاظه ويقول لهما "عندك ايه"... فيعطي الرئيس أسماء جميع من اتصلوا به، وإذا رغب في التحدث مع اي ممن اتصلوا به، يتم تحويله الي الرئيس مبارك بطريقة معينة هي وضع الشخص أو المسئول علي الانتظار ثم يتصل السويتش بمبارك علي تليفون غرفة المعيشة الذي يرن كل 120 ثانية لاحتمالية ان يكون الرئيس في الحمام أو أنه يتحدث مع احد من أسرته، أما إذا لم يرغب في التحدث معه يقول لضابط التحويلة "شوف جمال" ... قاصدا اللواء جمال عبد العزيز الذي يتولى الإتصال بهم ومعرفة ماذا يريدون من الرئيس، أما في التليفونات الطارئة والمتعلقة بحوادث كبرى والتي قد تحدث في الفجر مثلا، وتستلزم ايقاظ الرئيس فإنها تتم من خلال سويتش العروبة حيث يأتي دور اللواء شفيق البنا رئيس قطاع الشئون الفنية بمكتب رئيس الجمهورية، والذي كان كاتم أسرار الرئيس والمسئول عن منزله وأي تجديدات به من ديكورات وغيرها ويخضع لمبارك مباشرة وكان الرجل يحتفظ بمفاتيح منزل الرئيس في حالة سفره مع العائلة خارج مصر أو القاهرة، والبنا كان الشخص الوحيد المسموح له بحمل هاتفه الجوال أثناء مقابلة الرئيس في المنزل، وهي الميزة التي لم يتمتع بها حتى زكريا عزمي وجمال عبد العزيز، وهو ما تسبب في غيظ الرجلين اللذين نجحا فيما بعد في إقصاء شفيق البنا.
كان البنا مقيما إقامة شبه دائمة في بيت الرئيس حيث ينتقل إليه من مكتب ملاصق للمنزل مجهز بغرفة نوم وإقامة وكل متطلبات البقاء في العمل لأيام وفي حالة الطواريء يتصل بأحد من أسرة الرئيس داخل المنزل خاصة علاء مبارك ويبلغه بالوضع وأهمية اطلاع الرئيس عليه، ويتولى علاء مهمة ايقاظ والده، وعُرف عن مبارك أنه ينام بعمق ومن الصعب ايقاظه، و هو ما حدث حين احتلت العراق الكويت عام 1990 وكان الرئيس مبارك في استراحة برج العرب.
وتتولى ادارة الشفرة بسكرتارية الرئيس تشفير جميع اجهزة التليفون داخل منزله بحيث اذا حاول احدهم التنصت علي مكالمته لا يسمع سوي صوت ترددات غير مفهومة، ويتم تغيير الشفرة أسبوعيا بحضور اللواء شفيق البنا، أما إذا أراد رئيس دولة ما الاتصال بمبارك فيتم ذلك من خلال سفير هذه الدولة بمصر، الذي يتصل بسويتش السكرتارية ويخبرهم مثلا بأن الرئيس أوباما يريد مهاتفة الرئيس مبارك بعد ساعة من الآن فيتم إبلاغ مبارك والإنتظار لحين إجراء الاتصال، ويحمل اللواء شفيق البنا في حقيبة خاصة 12 شريحة موبايل يتم تغييرها يوميا لتكون تحت طلب الرئيس مبارك لو أراد الإتصال بأي جوال لشخص بمصر أو في الخارج.
أما ملابس الرئيس مبارك فتأتي جميعها من الخارج من خلال السفارات المصرية التي ترسل الي سكرتارية الرئيس كتالوجات أحدث بيوت الموضة فيرسلها له جمال عبد العزيز ليختار منها الرئيس أو اسرته ما يناسبهم، ويتولى ترزي السكرتارية تضييق او ضبط مقاسات البدل وغيرها وفق مقاس الرئيس، الذي لا يميل الي تفصيل البدل أو القمصان بعكس السادات وعبد الناصر، ويتصل الطباخ احمد مصطفى بالرئيس وبسوزان وعلاء وجمال لمعرفة نوعية الاطعمة التي يرغبون بها، ويتم إعداد الطعام في المطبخ ببدروم المنزل الذي يضم ايضا مخزنا وقسما للكي، في حين يضم الدور الاول من المنزل صالوناً وصالة جيمانزيوم ومكتبا شخصيا للرئيس ومكتبا لعلاء مبارك، في حين يضم قصر العروبة "الجواهرجي" مخازن وسويتش التليفونات ويرأس هذا السويتش عبدالمعز وهو صف ضابط كان مع الرئيس منذ القوات الجوية، اما الدور الثاني من المنزل فيضم أجنحة نوم وغرفتي معيشة وغرفة طعام، ويفضل الرئيس الجلوس في غرفة المعيشة لتناول الحبهان الدافئ ولتصفح البوستة، وهناك غرفة أخري يجلس فيها الرئيس بملابس النوم "البيجاما" ليشاهد التليفزيون مع الأسرة خاصة مباريات كرة القدم، وقبل 6 سنوات كلف مبارك اللواء شفيق البنا بجلب تليفزيون اكبر حجما فصمم البنا والذي كان مهندسا في الأشغال العسكرية قبل ان ينتقل الي القطاع الهندسي بالحرس الجمهوري في عهد الرئيس السادات، شاشة عرض بمساحة 3 في 4 أمتار بطول حائط الغرفة، وتعرض المباريات عبر كاميرا بروجيكتور، اما الدور الثالث فيضم غرف النوم ومقسم الي أجنحة للأسرة، وتشمل الفيللا ايضا جراجا يوضع به سيارة الرئيس المصفحة التي تعرضت لطلقات الرصاص لا تزال آثارها موجودة للآن، وفي حديقة المنزل حمام سباحة، وحين يود الرئيس الخروج من منزله فإنه تتحرك 3 مواكب في اتجاهات مختلفة وبأوامر من الرئيس للتمويه الأمني.
4 - قصة زكريا عزمي في رئاسة الجمهورية
كان زكريا عزمي مقدما في الجيش ونقل عام 1975 الى رئاسة الجمهورية ليعمل في السكرتارية وكان رئيس ديوان الرئيس السادات وقتها هو حسن كامل وعمل زكريا ضمن 6 آخرين واستطاع مع الوقت أن يتخلص منهم واحدا تلو الآخر بنقلهم الى وظائف مدنية، ومنهم حسين بدارن والراحل ناصر الانصاري، حتي اصبح زكريا عزمي هو السكرتير الوحيد، إلي أن قرر السادات الاستغناء عن حسن كامل بعدما وردت اليه معلومات بالصور والمستندات من مجهول تفيد بأن حسن كامل يعمل في البيزنس ويستغل منصبه، وكان بين هذه المستندات شيكات بنكية لحساب حسن كامل الذي ظل حتي رحيله يسعي لمعرفة من وشي به لكن دون جدوي حتي توفي من الحسرة، بعد ذلك تولى رءوف أسعد منصب رئيس الديوان، ولم يكن معه سوى زكريا عزمي السكرتير الوحيد المحنك في أعمال الديوان ولأن رءوف أسعد كان ضعيف الشخصية وكلاسيكيا للغاية، يحب تدخين السيجار بمكتبه وهو يستمع الي الموسيقي الغربية، فقد صار زكريا هو كل شيء في الديوان، بعدها جاء محمود عبدالناصر رئيسا للديوان ويلقي مصرعه في حادث المنصة مع الرئيس السادات، وهنا جاءت فرصة زكريا عزمي التي انتظرها منذ سنوات طويلة حيث كان صديقا مقربا لعبد الوهاب زكي اول سكرتير خاص لمبارك بعد ان صار نائبا لرئيس الجمهورية وجاء معه من القوات الجوية حيث كان زكريا يتودد اليه، فلم يجد زكي امامه سوى صديقه زكريا عزمي
ليقدمه للرئيس مبارك وليصبح رئيس ديوان رئيس الجمهورية وما هي الا اشهر قليلة حتي خرج عبد الوهاب زكي من مؤسسة الرئاسة بعد ان وصل الى مبارك، ومن مجهول أيضا، شريط مسجل بالصوت والصورة يدين عبد الوهاب زكي.
زكريا عزمي طاقة عمل هائلة ويمتلك ذكاء حادا وعقلية سياسية لا مثيل لها، ويذهب الى مكتبه في قصر عابدين في السابعة صباحا ليوقع البوستة وينهي
اعماله الخاصة بمجلس الشعب ثم يعود الى قصر الإتحادية في الثامنة ونصف حيث مكتبه الثاني بجوار مكتب الرئيس مباشرة، ليظل ملاصقا للرئيس لا يفارقة الا عند عودة الرئيس لمنزله ليصبح في مسئولية اللواء شفيق البنا وهو ما جعل زكريا عزمي يغتاظ كثيرا من البنا، فحتى عندما تعرض شفيق لوشاية طلب الرئيس منه ان يقطع اي صلة بالديوان في عابدين وان يكون في منزل الرئيس فقط بدون اي علاقة حتى مع جمال عبد العزيز، وفي اول زيارة لمبارك إلى الكويت التقي بجمال عبد العزيز الملحق العسكري المصري هناك والذي كان مبارك يعرفه منذ ان كان نائبا لرئيس الجمهورية ليعود مع مبارك من الكويت الى ديوان رئيس الجمهورية مع زكريا عزمي اللذين سرعان ما اندمجا معا طوال 30 عاما ليصبح جمال عبد العزيز نسخة مكررة من زكريا عزمي، ويتم التخلص تباعا من كل المقربين من مبارك برئاسة الجمهورية مثل اللواء طلعت الطوبجي الذي كان يطلق عليه في القوات الجوية ابن الرئيس مبارك، ثم الدكتور مصطفي الفقي وتبعه الدكتور اسامة الباز، ثم اللواء شفيق البنا الذي وصل به الأمر الي احالته للكسب غير المشروع للانتقام منه إلا ان التحقيقات انتهت الي الحفظ، ورغم ذلك صدر قرار بفصله من العمل بحجة انقطاعه مدة 15 يوما متواصلة وهو ما أصابه بجلطة في القلب سافر علي إثرها للعلاج في باريس وعندما علم مبارك بذلك اتصل به وطلب منه العودة لمنصبه الا انه اعتذر، وهو ما جعل المقربين من مبارك يصورون الأمر علي ان شفيق البنا يستعد لقيادة معارضة ضد مبارك فانقطعت العلاقة بينهما الي الأبد، لكن علاقة البنا استمرت مع علاء مبارك وسوزان مبارك اللذين كانا دائما الاتصال به والاطمئنان عليه، وفي عيد الأضحي الماضي خرج آخر المقربين من مبارك في سكرتاريته وهو اللواء ابو الوفا رشوان بوشاية مفادها انه كان عينا للمشير طنطاوي علي الرئيس مبارك، وشكل خروج ابو الوفا إساءة له ولتاريخه مع مبارك علي مدار 38 عاما، فقد وصل إلي سن الستين، ولم يتم التجديد له حتي مرت الفترة القانونية للتجديد، وخرج ابو الوفا من مكتب مبارك الي منزله مباشرة، بعدها جاء دور محسن الصوفي السكرتير الخاص للرئيس لينتهي الأمر قبل حلول عام 2011 بسيطرة زكريا عزمي وجمال عبد العزيز علي مقاليد الرئيس مبارك.
وبانضمام جمال مبارك الى الرجلين اكتمل مثلث العزلة، كما اكتمل هرم العناد الذي اشتهر به مبارك بعد أن غاب عنه رجال كانوا يقربون له صورة من الأحداث المهمة التي تجري في مصر، لكن يبدو أن الرجل استراح من هؤلاء الصادقين لينفرد تماما بقرارات لا يجد من يعارضه فيها او يبدي عليها ملاحظات، والغريب ان عناد الرئيس لم يكن سوي عناد ضد المصالح الوطنية، ففي ساعة صفاء تحدث مع حراسه عن وزير المالية السابق محمد الرزاز، الذي واجه حملة شرسة من الصحافة بسبب سياساته، وقال مبارك": لو شلته علشان الصحفيين مش بيحبوه يبقى أنا أعطيت سلطاتي للصحفيين وتنازلت عنها لهم وانا مابحبش اتنازل عن سلطاتي ابدا"، لكن في حقيقة الأمر ان مبارك تنازل عن سلطاته لنجله جمال، وتفرغ هو لحالة الاستجمام التي استدعاها سنّه، واكتفى بالبحث عمن يشرح صدره بالنكات، وكان الفنان المنتصر بالله أو "مونتي" كما كان يناديه الرئيس، من أقرب المقربين لمبارك ويصطحبه معه في معظم سفرياته ليعرف منه آخر أخبار الوسط الفني وآخر نكتة تقال في البلد.
لكن مبارك وبعد خروج مصطفي الفقي وأسامة الباز افتقد من يقرأ ويلخص له التقارير الأمنية والعسكرية والمخابراتية التي كانت تملأ يومياً نصف غرفة، فاعتمد علي نجله جمال ... إلا أن الأخير لم يكن يهتم سوي بالتقارير الاقتصادية، ومع الوقت أصبح جمال هو المسئول عن وضع الرؤى والخطط وترك مبارك كافة أمور رئاسة الجمهورية لزكريا عزمي وجمال عبدالعزيز، وعزل مبارك حتي عن التقارير الاستخباراتية التي كان يقدمها اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات والذي كان مبارك يناديه بلقب "عمر بيه"، وكان يلتقيه يوميا إلا أنه منذ عام 2005 صارت اللقاءات تتراجع حتى وصلت الي مرة واحدة اسبوعيا، وكلف زكريا عزمي بمتابعة اي مستجدات مع عمر سليمان.
وبعد هروب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي إلتقى مبارك عمر سليمان بحضور زكريا عزمي وجمال مبارك، واقترح سليمان وضع خطة طواريء جاهزة للتنفيذ للتعامل مع المظاهرات لو حدثت في مصر فكان رد الرئيس: "أنا مش جبان زي زين العابدين بن علي والشرطة كافية تروحهم بيوتهم"، وهز زكريا عزمي وجمال مبارك وجمال عبد العزيز رءوسهم بأنه "عين الكلام"، وخرج سليمان من الإجتماع وقد تأكد له ان الرئيس معزول عما يحدث حوله، فتقارير المخابرات كانت تؤكد ان المظاهرات قادمة لمصر وبنفس السيناريو الذي حدث في تونس، وحين اختير عمر سليمان نائبا لمبارك بعد اندلاع احداث ثورة 25 يناير، طلب مثلث العزلة ان يكون نائبا بلا اختصاصات أو سلطات او حتي مكتب أو حتى سكرتير، بل كان نائبا لرئيس الجمهورية في الهواء وهو ما قاله سليمان لأحد المقربين منه ليلة تنحي مبارك عن السلطة.
حين تحول مبارك الى قطار في انتظار دخوله الجراج
"القطار دخل الجراج وللا لسه؟" كان هذا هو كود الإطمئنان بين العاملين في مؤسسة الرئاسة في السنوات الثلاث الأخيرة، والقطار هو مبارك والجراج هو رحيله عن السلطة وكان الرد أيضا بكود مشفر ... "القطار لسه عطلان في بنها"، ومنذ احداث 25 يناير، كان هذا السؤال المشفر هو أهم حديث داخل سكرتارية الرئيس وداخل مكتبه، وحتى داخل أمن المقر، فالرئيس مبارك كان حريصا جدا في اتخاذ القرارات وزاد حرصه في السنوات الاخيرة من حكمه، حتي صار مبارك بطيئا جدا في اتخاذها، كما انه كان لا يتراجع عن قرار اصدره بشكل عاجل ولو كان فيه خطأ إداري مثلما حدث مع اسماعيل سرهنك، كبير امناء رئاسة الجمهورية، الذي كان مكلفا باستقبال رئيس ديوان ملك المغرب عند حضوره لمصر إلا أن سرهنك كان في اجازة فأعد مذكرة بالاستعدادات التي سوف تتم وأرسلها لزكريا عزمي لاعتمادها وتنفيذها، لكن المذكرة اختفت، وحين حضر الضيف وسأله مبارك عن واجب الضيافة أخبره بأن احدا لم يكن في استقباله، فما كان من مبارك الا ان رفع سماعة التليفون وسأل زكريا عزمي "مين معاه موضوع رئيس ديوان ملك المغرب" فقال له "سرهنك يافندم" فأمر مبارك بإقالته فورا، وحين اتضحت الحقيقة كان رد مبارك "خلاص أنا اخذت القرار ومش ممكن أرجع فيه تاني".
5 - طائرات الرئيس
تقع طائرات الرئيس تحت مسئولية زكريا عزمي المباشرة وتوجد في مطار ألماظة 3 طائرات خاصة "جولف استريم"، تابعة للقوات المسلحة، وهي خاصة بالرئيس وعائلته، منها طائرة يقودها جمال مبارك بنفسه وذلك باتصاله بقائد القوات الجوية ليحصل على رقم للرحلة مباشرة دون المرور علي سلطة الطيران المدني، وكثيرا ما يسافر بها جمال الى الخارج ويقودها بنفسه حيث أنه يمتلك رخصة طيران تجدد سنويا من سياتل في الولايات المتحدة، بالإضافة الى طائرة الرئاسة البوينج المملوكة لمصر للطيران وتحمل شعارها، وهناك مجموعة طائرات داخلية ماركة "هيل" وكانت مسئولية المهندس سعد شعبان مدير مكتب الرئيس مبارك حتي نهاية الثمانينيات قبل ان يتخلص منه زكريا عزمي بالاحالة للمعاش رغم انه جاء مع مبارك من القوات الجوية، قبل ان يظهر اسم عزمي في مؤسسة الرئاسة.
6-إيرادات رئاسة الجمهورية
لرئاسة الجمهورية موارد ضخمة وهائلة في عهد مبارك ولا يعرف أرقامها الحقيقية أحد سوى الرئيس مبارك وزكريا عزمي، فإذا كان ايراد مصر غيرالرسمي يذهب 20% منه الى وزارة المالية فإن 15% تقريبا من الإيراد الخفي تذهب لجهة ما لم يعرفها احد طوال عهد مبارك إلا بعد ان تنحي الرئيس واتضح انها تذهب لرئاسة الجمهورية، ولمؤسسة الرئاسة أيضا دخل من الصناديق الخاصة بكل وزارات مصر، ومن اللافت ان مصر هي الدولة الوحيدة التي بها 20 جبل ذهب لا يدخل عائدها لوزارة المالية، ايضا الايراد الحقيقي لإنتاج مصر من البترول لا يعرفه احد سوى رئاسة الجمهورية وتحديدا مبارك شخصيا، وكذلك الأمر بالنسبة للغاز الطبيعي، لدرجة أن البعض داخل رئاسة الجمهورية بعد تنحي مبارك كانوا يتندرون علي ان موارد رئاسة الجمهورية سنويا تكفي لسداد ديون مصر.
7- نهاية درامية للعائلة المباركية
هاجس مبارك الأمني جعله يغادر منزله في شارع حليم أبوسيف ويقيم مع أسرته في قصر الاتحادية مساء يوم 28 يناير، ولحقت به سوزان مبارك التي كانت في لندن لكشف طبي، يوم 29 يناير، في حين كان جمال مبارك في باريس وعاد لمصر في طائرته الخاصة "جولف ستريم" وهبط في قاعدة ألماظة وتحرك الي قصر الاتحادية في سيارة ملاكي عادية ذات زجاج فيميه بعد ان سبقته الي القصر زوجته خديجة قادمة من منزلها في الزمالك في سيارة بي ام دبليو كحلي خاصة برئاسة الجمهورية حتي لا تثير ريبة احد، وانتقل اليه أيضا محسن عبد العليم سكرتير جمال مبارك الي المنزل في حين كان مع علاء مبارك سكرتيره الشخصي جلال ابوالقاسم، الذي كان حارسا للرئيس مبارك وقت حادث اديس ابابا، بالإضافة الي طباخ الرئيس، وتولت إدارة أمن المقر تأمين القصر من الداخل في حين تولي الحرس الجمهوري تأمينه من الخارج بعد وضع السلك الشائك حول القصر مساء يوم الاربعاء الماضي تحسبا لأي تظاهرات مفاجئة، وهو ما حدث بالفعل واضطر الرئيس لأول مرة منذ 30 عاما ان يطل من نافذة مكتبه بالقصر ليجد المظاهرات علي عتبات القصر، الذي كان من المحرمات الاقتراب منه، وفي ظهر يوم 30 يناير ذهب الرئيس مبارك الي "المركز 10" وهي غرفة إدارة الحروب والتي تقع تحت جبل المقطم وهي الغرفة التي تابع منها حرب اكتوبر وعقد اجتماعه مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي ظهر في التليفزيون بعد ان تم بثه مسجلا إلي ماسبيرو، عبر محطة البث داخل الغرفة، ووصل اليها الرئيس في سيارة مرسيدس سوداء مدرعة ضد طلقات مدفع الآر بي جي ، وجاء قرار الرئيس بالذهاب الي "المركز 10" بعد فشل الداخلية في السيطرة علي المظاهرات، وشاهد الرئيس مبارك بعينيه أعداد المتظاهرين، التي قدرت بمئات الآلاف، عبرطائرات هليوكوبتر وطائرات إف 16 مسحت مصر بالكامل والتقطت صورا حية تم بثها للرئيس مباشرة، وهو ما دفع مبارك إلي إصدار قراره لقائد القوات الجوية بتنفيذ الخطة "ارادة" وتم تحديد يوم الثلاثاء الماضي لساعة الصفر ولكن المشير طنطاوي اعترض عليها لكون الخسائر سوف تكون ضخمة وتم الاتفاق علي انتظار تصاعد الأحداث حتي يوم الثلاثاء وغادر الرئيس مبارك الغرفة وقد بدأت بوادر الانشقاق بين المشير والرئيس مبارك، خاصة ان الحرس الجمهوري قد مال ناحية المشير في رأيه وانضم عمر سليمان الي رأي المشير وظل الصراع مشتعلا بين الجبهتين حتي ليلة تنحي الرئيس التي تم بثها من استوديو قصر الاتحادية مباشرة تخوفا من ان يتم التلاعب فيها في التليفزيون الذي كان يسيطر عليه تكتل يرفض تنحي الرئيس وهو تكتل جمال مبارك وزكريا عزمي وجمال عبدالعزيز والذين كانوا يحركون أنس الفقي وزير الإعلام، لدرجة ان خطاب الرئيس مبارك الذي تم تسجيله يوم الخميس قبل تنحيه تعرض إلي عملية مونتاج وتم حذف العديد مما اتفق عليه المشير وعمر سليمان مع الرئيس مبارك، وطوال الايام الثلاثة التي سبقت التنحي كان هناك صراع بين فريقين داخل سلطة الحكم، الأول يرى ضرورة تنحي الرئيس لمنع سفك الدماء والثاني يرى أن الأمور سوف تهدأ وأن التنحي مستحيل وهو اتجاه يضم جمال مبارك وجمال عبدالعزيز رئيس سكرتارية الرئيس والدكتور زكريا عزمي رئيس الديوان الذي انتقل هو الآخر للإقامة في قصر الاتحادية طوال الايام الاربعة الاخيرة من حكم مبارك، وبحسب ما يرويه المقربون فإن المشير وسليمان أقنعا الرئيس بشكل نهائي، 3 مرات، بالتنحي وبعد أن وافق مبارك علي تسجيل التنحي جاء التكتل الآخر ليقنع الرئيس بالتراجع لدرجة أن الرئيس مبارك ظل لمدة 4 أيام منذ انطلاق المظاهرات رافضا التحدث إلي الشعب بناء علي نصيحة ثلاثي جمال وزكريا وجمال عبدالعزيز، خاصة أن حسين سالم سبق الجميع إلي دبي ثم إلي سويسرا لترتيب إقامة الرئيس في جزر النخيل في دبي حيث توجد 10 فيللات أهداها الشيخ زايد إلي الرئيس مبارك قبل رحيله في حين يوجد سكن شخصي للرئيس في سويسرا اشتراه له حسين سالم، ويروي ان حسين سالم خرج من مصر بطائرته الخاصة ومعه قرابة مليون يورو بخطاب موجه إلي الحكومة السويسرية من رئاسة الجمهورية بمصر بأنها أموال حكومية رسمية لجمهورية مصر العربية للإيداع، كما حضر إلي مصر قبل أيام من تنحي مبارك الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية الاماراتي ليعرض علي الرئيس استضافته في الإمارات عزيزا كريما إلا أن ثلاثي جمال وزكريا وجمال أقنعا مبارك بالاعتذار وبأنها "هوجة وهاتعدي" ومع اشتعال الامور في الشارع حيث وصلت المظاهرات إلي عتبة قصر الاتحادية عقب فشل خطاب مبارك الاخير، التقي المشير طنطاوي الرئيس وطلب من الرئيس مبارك بصفته صديقا وتلميذا له، قبل ان يكون وزيرا للدفاع، أن يوقع قرار التنحي وكانت المفاجأة دخول علاء مبارك طرفا في المناقشة وناشد والده أن يوقع القرار وهو ما اعترض عليه جمال مبارك فما كان من علاء إلا أن دفع جمال مبارك في صدرة قائلا "كفاية انت السبب في كل اللي حصل لأبوك" ولم يجد الرئيس مفراً سوي توقيع القرار خاصة بعد أن وجد انضمام رئيس الحرس الجمهوري مع المشير في مناشدة الرئيس التنحي، وتم الاتفاق علي بث البيان رقم 2 من قيادة الجيش صباح الجمعة إلا أن أنس الفقي عطل البيان، وجعل أحمد مغربي مذيع قطاع الأخبار يتلو البيان، وهو ما أثار غضب المشير وتأكد من أن التليفزيون لا يزال تحت سيطرة ثلاثي جمال وزكريا وجمال عبدالعزيز ليكون قرار التنحي مساء اليوم الجمعة ببث مباشر من قصر الاتحادية دون سيطرة من ماسبيرو لينتهي بذلك عهد دام 30 عاما
. |
|