مهندسة جميلة الجميلات
عدد المساهمات : 299 نقاط : 845 تاريخ التسجيل : 09/04/2010
| موضوع: تفسير حديث "يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ، وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ " الثلاثاء سبتمبر 18, 2012 6:37 pm | |
| أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي , يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتَلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ، وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَفَبِي تَغْتَرُّونَ ، أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ ، فَبِي حَلَفْتُ لأُبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ مِنْهُمْ فِتْنَةً يدَعُ الْحَلِيمَ مِنْهُمْ حَيْرَانَ " . وفي رواية أخرى، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الله قال: لقد خلقت خلقا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، فبي حلفت لأتيحنهم فتنة، تدع الحليم منهم حيران، فبي يغترون؟ أم علي يجترئون؟". ومما جاء في شرحهما حسب لجنة من العلماء أن قول الرسول عليه الصلاة والسلام "يختلون الدنيا بالدين" أي ينتزعون خيرات الدنيا، ويحصدونها باسم الدين، تمويها على الناس. وقوله صلى الله عليه وسلم "يلبسون للناس جلود الضأن من اللين" هو كناية عن لينهم للناس ظاهرا، وإضمار السوء لهم باطنا، مكرا وخداعا، فليس في قلوبهم محبة للعباد، بل إنما يحبون أنفسهم فقط، ويخادعون الناس بإظهار المودة والمحبة لهم، قاصدين بذلك استيفاء أغراض دنيوية منهم، كما يريدون احترام الناس لهم بتحسين ظواهرهم. وقوله عليه الصلاة والسلام "ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب" هو تفسير وبيان وتوضيح لقوله صلى الله عليه وسلم "يلبسون للناس جلود الضأن من اللين"، وقوله "أبي يغترون؟" أي يغترون بحلمي عليهم بتأخير عقوبتهم، وتقديم الجار والمجرور على الفعل، لزيادة التوبيخ والتقريع. والمعنى: أبي يغترون وأنا الجبار المنتقم ذو البطش الشديد، اغترارا منهم بحلمي، وعدم تعجيل عقابهم؟ "أم علي يجترئون؟" أي بل أعلي أنا يجترئون بانتهاك محارمي، ومخالفة أمري؟. وقوله عليه الصلاة والسلام "فبي حلفت" أي حلفت بي وحدي لا يستحقها غيري، كما لا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تحلفوا أيها الناس بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليدع". وقوله في الرواية الثانية "لأتيحنهم فتنة" أي لأقدّرن لهم فتنة، وأهيئها لهم ولأسلطها عليهم وتلازمهم لا تنفك عنهم، حتى تدع وتترك الشخص الحليم منهم حيران من شدة وقعها بهم، فلا يهتدون إلى طريق الخلاص منها، لأن الله تعالى لم يوفقهم للهداية، بسبب ذنوبهم، وبذلك يجنون ثمرات سيئاتهم، ولو أخلصوا لله لهداهم الله إلى صراط مستقيم. ذكرني هذا الحديث القدسي بروايتيه ما حذرنا منه خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم "كبرت خيانة أن تحدث أخاك هو لك مصدق وأنت له به كاذب". وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام "لست أخاف على أمتي غوغاء تقتلهم، ولا عدوا يجتاحهم، ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين، إن أطاعوهم فتنوهم، وإن عصوهم قتلوهم". وفي حديث الطبراني عن أم سلمة "ليأتين على الناس زمان يكذب فيه الصادق، ويصدق فيه الكاذب، ويخون فيه الأمين، ويؤتمن الخؤون، ويشهد المرء، ولم يستشهد، ويحلف، وإن لم يستحلف، ويكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع لا يؤمن بالله ورسوله". إلى هؤلاء، الذين يموهون على الناس، ويضمرون السوء باطنا بمكرهم وخداعهم.. أقول لكم إن لم تتقوا الله وتتوبوا فقد أخبركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراراته "من آذى مسلما، فقد آذاني، ومن آذاني، فقد آذى الله". "من آذى جاره، فقد آذاني، ومن آذاني، فقد آذى الله ومن حارب جاره فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله عز وجل" و"من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه، خصمته يوم القيامة" "من لا يرحم من في الأرض، لا يرحمه من في السماء". وفي حديث عن أبي بكر بن أبي شيبة "من كان له وجهان في الدنيا، كان له يوم القيامة لسانان من نار" وفي حديث رواه البخاري "من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله" وفي رواية الطبراني عن ابن مسعود "من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار" كما روى ابن ماجة عن أبي هريرة "ثلاث أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه، خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه". ولهذا أفضل لكم وأنفع وأفيد أن تلتزموا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "اعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا" وحديث الخطيب عن علي بن أبي طالب "اصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى غير أهله، فإن أصبت أهله، أصبت أهله، وإن لم تصب أهله، كنت أنت أهله". وأذكركم بما قال الله تعالى في شأنكم "أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمليه واتبعوا أهواءهم" "محمد 14" وما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام "سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم" "الفتح 11" إلى أن يقول تعالى "وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا" "الفتح 12". وقال عز وجل "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون" "آل عمران 77-78" وقال رب العزة "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون" "النحل 116". أخيرا أحذركم من معسول ألسنة المغررين وفتنتهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف"، والله يهدي الضالين ويهزم المضللين. |
|